فيا جهالة من يقصد نبياً أو ولياً ويدعوه لحصول نفع أو دفع ضر، فإنه ليس بيده شيء من الأمر، ولا ينفع من لم ينفعه الله، ولا يدفع الضر عمن لم يدفعه الله عنه، ولا يعلم الغيب، ولا يعلم إلا ما علمه الله.
وإنما ينفع الرسول - صلى الله عليه وسلم - من قبل ما أرسل به من البشارة والنذارة وعمل بذلك، فقد أنذر - صلى الله عليه وسلم - بالعقوبات الدينية والدنيوية والأخروية، وبين الأعمال المفضية إلى ذلك وحذر منها، وبشر بالثواب العاجل والآجل، وبين الأعمال الموصلة إليه، ورغب فيها.
فهذا نفعه - صلى الله عليه وسلم - الذي نفع به البشرية، والذي فاق به نفع الآباء والأمهات، والأخلاء والإخوان، بما حث العباد على كل خير، وبما حذرهم من كل شر، وبينه لهم غاية البيان: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)} [التوبة: ١٢٨].
والله تبارك وتعالى هو الواحد لا شريك له في ذاته، ولا شريك له في أسمائه وصفاته بيده الملك وهو على كل شيء قدير.
وكتابه القرآن فيه الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة، ولكن ما كل أحد يوفق للاستشفاء به.
وإذا أحسن العليل التداوي به، ووضعه على دائه بصدق وإيمان ويقين، لم يقاومه الداء أبداً.
وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدعها أو على الأرض لقطعها؟.
فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه، وبيان سببه، وكيفية الحمية منه كما قال سبحانه: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا