الثاني: محرم لحق الغير، وهو ما جنسه مباح من المطاعم والمشارب والملابس والمراكب والمساكن والأموال ونحوها.
وهذه إنما تحرم لسببين:
أحدهما: أخذها بغير طيب نفس صاحبها، ولا إذن الشارع فيها، كمن يأخذها بطريق السرقة أو الغصب أو الخيانة، وهذا هو الظلم المحض.
الثاني: أخذها بغير إذن الشارع وإن أذن صاحبها، وهي العقود والقبوض المحرمة كالربا والميسر ونحوهما.
ومن حصلت بيده هذه الأموال فعليه التوبة، وردها إلى أهلها، فإن لم يعلم صاحبها فإتلافها إضاعة لها وهو محرم، وحبسها مع أنه لا يرجى معرفة صاحبها أشد حرمة من إتلافها، فتعين إنفاقها في جهات البر والقرب التي يتقرب بها إلى الله للتخلص منها، ونفع خلق الله بها، وأجرها يعود لمالكها الحقيقي، فإن الله خلق الخلق لعبادته، وخلق لهم الأموال ليستعينوا بها على طاعة الله وعبادته، فتصرف في سبيل الله بهذه النية.
والله سبحانه وتعالى أحل للمؤمنين الأكل من الطيبات؛ ليستعينوا بها على طاعة الله، وحرم عليهم الخبائث؛ لئلا تضرهم.
وأما الكفار فلم يأذن الله لهم في أكل شيء، ولا أحل لهم شيئاً من الطيبات، وإنما هي حلال للمؤمنين بالله فقط كما قال سبحانه: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣٢)} [الأعراف: ٣٢].
والكفار معتدون على الطيبات التي أحلها الله للمؤمنين، ومحاسبون يوم القيامة على النعم التي تنعموا بها، ولم يشكروا الله عليها.
والله عزَّ وجلَّ لم يبح إعانة العاصي على معصيته، ولا أباح له ما يستعين به على المعصية، فلا تكون مباحات لهم إلا إذا استعانوا بها على الطاعات.