للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن وهبه الله منهم سعة أفاض من سعته على من قدر عليه رزقه، مع تكليف الجميع بالعمل كل حسب طاقته واستعداده، فلا يكون أحدهم كلاًّ على أخيه أو على الأمة وهو قادر على العمل.

وجعل سبحانه الزكاة فريضة في المال محددة، والصدقة تطوعاً غير محدد، وأمرهم كذلك أن يلتزموا جانب القصد والاعتدال، وأن يتجنبوا الإسراف والتبذير فيما ينفقون من رزق الله الذي أعطاهم، وفيما يستمتعون به من الطيبات التي أحلها لهم.

وشرط عليهم في تنمية أموالهم أن يلتزموا وسائل لا ينشأ عنها الأذى للآخرين، ولا يكون من جرائها تعويق أو تعطيل لجريان الأرزاق بين العباد كالربا والغش والغصب والاحتكار، وغير ذلك ما يضر بحياة المسلمين، ويسبب العداوة والحروب، ويسحق البشرية سحقاً، ويشقيها أفراداً وشعوباً لمصلحة حفنة من المرابين، ويحطمها أخلاقياً، ويحدث الخلل في دورة المال بين الناس.

فالربا كله ظلم .. والغش ظلم .. والغصب ظلم .. والاحتكار ظلم، وقد لعن الله كل ظالم، وتوعده بالعذاب الأليم كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (١٠)} [النساء: ١٠].

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ» أخرجه مسلم (١).

وإخراج المال له وجهان:

الأول: وجه طيب سمح جميل طاهر، وهو إخراج المال زكاة، أو هدية أو صدقة، والصدقة: نزول عن المال بلا عوض، ولا رد، ابتغاء وجه الله.

والهدية بذل المال لكسب الإخوان، وتأليف القلوب، وإكرام أهل الفضل.

والزكاة حق معلوم من المال بقدر معلوم، لطائفة مخصوصة.


(١) أخرجه مسلم برقم (١٥٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>