بل يكون له عينان ينظر بأحدهما إلى المعبود كأنه يراه، وينظر بالأخرى إلى أمر سيده ليوقعه على الأمر الشرعي الذي يحبه مولاه ويرضاه.
والعبادة: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، وهي حق الله على خلقه، وفائدتها وثمرتها تعود إليهم:
فمن عبد الله وحده بما شرع فهو مؤمن، وثوابه الجنة، ورضوان الله.
ومن عبد الله وعبد معه غيره فهو مشرك، وجزاؤه النار، وسخط الله عليه.
ومن أبى أن يعبد الله، أو عبد غير الله فهو كافر مستكبر جزاؤه جهنم خالداً فيها، ومن عبد الله وحده بغير ما شرع فهو مبتدع، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (١١٠)} [الكهف: ١١٠].
فلا بدَّ في العبادة من أصلين:
إخلاص الدين لله .. وموافقة أمره الذي بعث به رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
وعبادة الله عزَّ وجلَّ مبنية على أصول عظيمة:
أحدها: أن يشرعها الله عزَّ وجلّ كما قال سبحانه: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (١٨)} [الجاثية: ١٨].
الثاني: أن تكون العبادة خالصة لله عزَّ وجلَّ كما قال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥)} [البينة: ٥].
الثالث: أن يكون القدوة في العبادة والمبين لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنفعل ما أمر به، ونجتنب ما نهى عنه كما قال سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٧)} [الحشر: ٧].
الرابع: أن تكون العبادة قائمة على محبة الله وتعظيمه والذل له، وخوفه ورجائه وحده دون سواه كما قال سبحانه: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (٩٠)} [الأنبياء: ٩٠].