وحب الله ورسوله وطاعة الله ورسوله لا يكفي ذلك في العبودية حتى يكون الله ورسوله أحب إلى العبد مما سواهما.
فكل من قدم طاعة أحد على طاعة الله ورسوله .. أو قدم قول أحد على قول الله ورسوله .. أو قدم مرضاة أحد على مرضاة الله ورسوله .. أو قدم حكم أحد على حكم الله ورسوله .. فهو ممن ليس الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.
والعبودية تقوم على أصلين عظيمين:
كمال الحب لله .. وكمال التعظيم لله والذل له.
وذل العبودية له أربع مراتب:
الأولى: ذل الفقر والحاجة إلى الله، ويدخل في هذه جميع الخلق، فجميع أهل السموات والأرض محتاجون إلى الله فقراء إليه، وهو وحده الغني عنهم.
الثانية: ذل الطاعة والعبودية، وهو ذل الاختيار، وهذا خاص بأهل طاعته، وهو سر العبودية.
الثالثة: ذل المحبة، فالمحب ذليل لمحبوبه، وعلى قدر جماله وجلاله وكماله وإحسانه تكون محبته، وعلى قدر محبته له يكون ذله له.
الرابعة: ذل المعصية والجناية، فإذا وقع العبد في الجناية والمعصية أوجب له ذلك ذلاً وانكساراً بين يدي ربه.
فإذا اجتمعت هذه الأربع كان الذل لله والخضوع له أتم وأكمل، فيذل له خوفاً وخشية، ومحبة وإنابة، وطاعة وعبودية، وفقراً وفاقة .. وهذا لب العبودية وسرها.
وحصولها للعبد أنفع شيء له، وأحب شيء إلى الله.
والعبادات الواردة في الشرع أربعة أقسام:
الأول: ما ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سن كل واحد من الأمرين، واتفقت الأمة على أن من فعل أحدهما لم يأثم بذلك، لكن اختلفوا في الأفضل كالدعاء في آخر التشهد، وأدعية الاستفتاح في الصلاة، فهذه ثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكلها سائغة.