الثاني: ما اتفق العلماء على أنه إذا فعل كلاً من الأمرين كانت عبادته صحيحة ولا إثم عليه، لكن تنازعوا في الأفضل، وفيما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله كالقنوت في الفجر والوتر، والجهر بالبسملة، وصفة الاستعاذة ونحوها من المسائل.
الثالث: ما ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سن فيه الأمرين، لكن بعض أهل العلم حرم أحد النوعين أو كرهه لكونه لم يبلغه أو تأول الحديث.
والصواب أن ما سنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو مسنون لا ينهى عن شيء منه كأنواع التشهدات في الصلاة، وألفاظ الأذان والإقامة، وأنواع صلاة الخوف، والصوم والفطر في السفر.
الرابع: ما تنازع فيه العلماء، فأوجبه أحدهم أو استحبه، وحرمه الآخر، والسنة لا تدل إلا على أحد القولين.
فهذا أشكل الأقسام كالنزاع في قراءة الفاتحة خلف الإمام حال الجهر، وتحية المسجد في أوقات النهي ونحوهما.
والصواب عدم قراءة الفاتحة خلف الإمام حال الجهر، وأداء تحية المسجد وإن كان وقت نهي لثبوت الأدلة على ذلك.
ودين الإسلام يقوم على خمسة أركان كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بُنِيَ الإسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإقَامِ الصَّلاةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» متفق عليه (١).
وإذا كان الإسلام لا يقوم بلا أركان، فإن الإسلام وأركانه الأربعة لا يقوم بلا شهادتين، بل لا يكون موجوداً أصلاً.
فالشهادتان بالنسبة للإسلام كله كالروح بالنسبة للجسد، فكما أن كل ذرة من ذرات الجسد لا تكون بها حياة إلا بالروح فكذلك (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) هي حياة كل جزء من أجزاء الإسلام.
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٨) واللفظ له، ومسلم برقم (١٦).