والله عزَّ وجلَّ بحكمته جعل الدخول عليه في الصلاة موقوفاً على الطهارة، فلا يدخل المصلي عليه حتى يتطهر، وكذلك جعل الدخول إلى جنته موقوفاً على الطيب والطهارة، فلا يدخلها إلا طيب طاهر، فهما طهارتان:
طهارة القلب بالتوبة .. وطهارة البدن بالماء.
فإذا اجتمع للعبد هذان الطهران صلح للدخول على الله تعالى، والوقوف بين يديه ومناجاته في الصلاة.
فالجنة طيبة لا يدخلها من في قلبه نجاسة وخبث؛ لأنها دار الطيبين كما قال سبحانه: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (٧٣)} [الزمر: ٧٣].
فمن تطهر في الدنيا بالإيمان والتوحيد والتوبة والأعمال الصالحة، ولقي الله طاهراً من نجاساته دخلها بغير معوق.
ومن لم يتطهر في الدنيا، فإن كانت نجاسته عينية كالكافر والمشرك لم يدخلها بحال، وإن كانت نجاسته كسبية عارضة دخلها بعد ما يتطهر من النار من تلك النجاسة، أو يغفر الله له.
والطاعات والحسنات تكسب القلب حياة ونوراً، والمعاصي والخطايا توجب للقلب حرارة وظلمة، ونجاسة وضعفاً، فيرتخي القلب، وتضطرم فيه نار الشهوة، فالخطايا والذنوب له بمنزلة الحطب الذي يمد النار ويوقدها.
ولهذا كلما كثرت الخطايا اشتدت نار القلب، واشتد ضعفه، والماء يغسل الخبث، ويطفئ النار.
فإن كان بارداً أورث الجسم صلابة وقوة، فإن كان معه ثلج وبرد كان أقوى في التبريد وصلابة الجسم، فكان أذهب لأثر الذنوب والخطايا كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٣٣٧٠) واللفظ له، ومسلم برقم (٤٠٦).