للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«اللَّهُمَّ! نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ! اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ» متفق عليه (١).

فالنجاسة تزول بالماء .. والخطايا تزول بالتوبة .. وصلاح القلب ونعيمه لا يتم إلا بهذا وهذا.

وكما أن النجو يثقل البدن ويؤذيه باحتباسه، فكذلك الذنوب تثقل القلب وتؤذيه باحتباسها فيه، فهما مؤذيان مضران بالبدن والقلب، يزول الأول بالتخلص منه، ويزول الثاني بالتوبة والاستغفار.

ولله المنَّة والفضل في كل عمل صالح، وكلما عظمت طاعة العبد كانت منَّة الله عليه أعظم، فهو المانُّ بفضله، ولو أتى الناس بكل طاعة، وكانت أنفاسهم كلها طاعات لله لكانوا في محض منَّته وفضله، وكانت له المنَّة عليهم.

ولمنافع الصلاة العظيمة ولحاجة المسلم لهذه الصلاة كل وقت، شرعها الله خمسين صلاة على المسلم، ثم خففها إلى خمس في العمل، وخمسين في الأجر رحمة منه وفضلاً.

والصلاة غذاء للمسلم لا يستغنى عنه كما لا يستغني عن الطعام والشراب؛ لما فيها من ذكر الله ومناجاته، والتلذذ بتلاوة كتابه، وتعظيمه وتكبيره، وحمده وشكره، وسؤاله من خيري الدنيا والآخرة، والاستغفار من الذنوب التي يقع فيها المسلم كل يوم.

وما أعظم افتتاح الصلاة باسم الله (الله أكبر)، وختامها باسم الله (السلام عليكم ورحمة الله).

فإن المصلي لما تخلى عن الشواغل، وقطع جميع العلائق، وتطهر وأخذ زينته، وتهيأ للدخول على ربه ومناجاته، شرع له أن يدخل عليه دخول العبيد على الملوك، فيدخل بالتعظيم والإجلال، فشرع له أبلغ لفظ يدل على هذا المعنى


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٧٤٤)، ومسلم برقم (٥٩٨) واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>