وقصد إلى كل جنس من أجناس الأموال فأوجب الزكاة في أعلاه وأشرفه كالذهب والفضة من المعادن.
والنعم متى شُكرت قرّت، ومتى كُفرت فرّت، وشكر النعم يكون باللسان كأن تقول: الحمد لله .. الشكر لله .. ويكون بالجوارح كفعل الصلاة والصدقات والعبادات كلها على الإطلاق إنما هي شكر لله تعالى على نعمه التي لا تحصى، وإذا كان الأمر كذلك كان أداء الزكاة شكراً لله على نعمه العديدة التي أنعم بها عليك، والتي منها إنقاذك من مخالب الفقر والفاقة.
ومدّ يد الغني لإعطاء الزكاة يزيد في ماله وينميه، فكأن المال شجرة، والسقيا له هو الزكاة كما قال سبحانه: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (٢٧٦)} [البقرة: ٢٧٦].
والمال لا ينفع صاحبه إلا إذا توفرت فيه ثلاثة شروط هي:
أن يكون حلالاً .. وأن لا يشغل صاحبه عن طاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - .. وأن يؤدي حق الله فيه.
والله عزَّ وجلَّ شرع لعباده عبادات متنوعة منها ما يتعلق ببذل المحبوب إلى النفس كالزكاة والصدقة، ومنها ما يتعلق بكف النفس عن محبوباتها وما تشتهيه كالصيام، ونوّع الله العبادات ليختبر العباد ليرى من يقدم طاعة ربه على هوى نفسه، وليقوم كل واحد بما يسهل عليه ويناسبه منها.
وليس الهدف من دفع الزكاة جمع المال وإنفاقه على الفقراء والمساكين فحسب، بل الهدف الأول أن يعلو بالإنسان عن المال ليكون سيداً له لا عبداً له، ومن هنا جاءت الزكاة لتزكي المعطي والآخذ وتطهرهما.
والزكاة تكفر الخطايا، وهي سبب لدخول الجنة، والنجاة من النار، وهي تزيد في حسنات مؤديها، وتقي المال من الآفات، وتثمره وتنميه وتزيده، وتسد حاجة الفقراء والمساكين، وتمنع الجرائم المالية كالسرقات والنهب والسطو، وتولد المحبة بين المسلمين.