وكل قادر على الكسب مطلوب منه شرعاً أن يعمل ليكفي نفسه بنفسه.
فمن كان عاجزاً عن الكسب لضعف ذاتي كالصغر والأنوثة، والعته والكبر، والعاهة والمرض، أو كان قادراً ولم يجد باباً حلالاً للكسب يليق بمثله، أو وجد ولكن كان دخله من كسبه لا يكفيه وعائلته، أو يكفيه بعض الكفاية دون تمامها، فقد حل له الأخذ من الزكاة، ولا حرج عليه في دين الله، الذي جمع بين العدل والإحسان، والعدل والرحمة، والعدل والشفقة.
والفقراء والمساكين نوعان:
نوع يستطيع أن يعمل ويكتسب ويكفي نفسه بنفسه، ولكن ينقصه أدوات الصنعة، أو رأس مال التجارة، أو آلات الحرث والسقي، فهذا يعطى من الزكاة ما يمكنه من اكتساب كفاية العمر، وعدم الاحتياج إلى الزكاة مرة أخرى.
والنوع الآخر عاجز عن الكسب كالشيخ الكبير والأعمى والأرملة والطفل ونحوهم، فهؤلاء لا بأس أن يعطى الواحد منهم كفاية السنة، بل يصح أن يوزع على أشهر العام إن خيف من المستحق الإسراف، وبعثرة المال في غير حاجة ماسة.
والله بكل شيء عليم، يعلم كل ما ينفقه المنفق صدقة أم نذراً، سراً أو جهراً، لله أو لغير الله، قليلاً كان أو كثيراً كما قال سبحانه: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (٢٧٠)} [البقرة: ٢٧٠].
وشعور المؤمن بأن عين الله سبحانه على نيته، وعلى حركته، وعلى عمله، يثير في نفسه مشاعر حسية حية متنوعة، شعور التقوى والتحرج أن يهجس في خاطره هاجس رياء، وهاجس شح أو بخل، وهاجس خوف من الفقر أو الغبن، وشعور الإطمئنان على الجزاء، وشعور الرضا والراحة.
وإخفاء الصدقة حين تكون تطوعاً أولى وأحب إلى الله، وأجدر أن تبرأ من الرياء، فإن كان في إظهارها مصلحة الاقتداء به فهو أولى.
فأما حين تكون أداء للفريضة فإن إظهارها فيه معنى الطاعة، وفشو ذلك