للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ» أخرجه البخاري (١).

وفي الصيام ضبط لجوارح الإنسان وشهواته، فلا ينضبط اللسان بشيء كانضباطه بالصيام، فالشبع الدائم للإنسان يجعل أعضاءه في كامل طاقتها ويجعل نفسه كذلك، واللسان ينطلق وقد لا يستطيع ضبطه.

واللسان أداة التعبير عن النفس، فمهما كان في النفس من شرود عن طريق الله ظهر في اللسان، وفي اليد، وفي الرجل، وفي السلوك، وفي العمل.

فحبس النفس عن شهوة الطعام إضعاف لها عن الانطلاق في أي طريق، وترويض لها على الانضباط على الطريق الشرعي الصحيح.

ففي الصيام كف للنفس عما لا ينبغي لها، وعما يشينها من الأقوال والأعمال والأخلاق كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فَلا يَرْفُثْ وَلا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ» متفق عليه (٢).

وما لم يحقق الإنسان من صيامه هذا الجانب فلا حاجة لله أن يدع طعامه وشرابه، ورب صائم ليس له من صيامه إلا الظمأ.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» أخرجه البخاري (٣).

ومن رحمة الله عزَّ وجلَّ بعباده أن علق الصوم والإمساك على علامتين سماويتين يسهل تمييزهما هما طلوع الفجر، وغروب الشمس، وفي ذلك ضبط للوقت يستطيعه أي إنسان في أكثر مناطق العالم كما قال سبحانه: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧].


(١) اخرجه البخاري برقم (٦٤٧٤).
(٢) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (١٩٠٤)، واللفظ له، ومسلم برقم (١١٥١).
(٣) أخرجه البخاري برقم (١٩٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>