للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلهم جميعاً أمام أوامر الله سواء، لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى، يصلون كلهم جميعاً بلا استثناء، ويصومون معاً، ويمتثلون أوامر الله معاً في جميع شئون الحياة، ويطيعون الله ورسوله في كل أمر.

لقد كلفهم الإسلام أن يتجردوا في الحج من كل ما يميزهم من الثياب، ليلتقوا في بيت الله إخواناً مكرمين متساوين في الطاعة والعبودية:

رب واحد .. ودين واحد .. وكتاب واحد .. ورسول واحد.

{يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣)} [الحجرات: ١٣].

وقد جعل الله الكعبة البيت الحرام أول بيت وضعه الله للناس، يتعبدون فيه لربهم فتغفر أوزارهم، وتقال عثارهم، ويحصل لهم به من الطاعات والقربات ما ينالون به رضى ربهم، والفوز بثوابه، والنجاة من عقابه كما قال سبحانه: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (٩٦) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (٩٧)} [آل عمران: ٩٦، ٩٧].

ففي حج هذا البيت بركات ومنافع دينية ودنيوية .. وفيه هدى للعالمين.

والهدى نوعان:

هدى في المعرفة .. وهدى في العمل.

فالهدى في العمل هو ما جعل الله فيه من أنواع التعبدات المختصة به، وأما هدى العلم فبما يحصل لهم بسببه من العلم بالحق، ومعرفة عظمة الرب وجلاله، ومعرفة حكمته وسعة علمه ورحمته، وما مَنّ به على أوليائه وأنبيائه.

وقد أوجب الله حج بيته الحرام على كل مسلم يستطيع الوصول إليه، وافتتح هذا الإيجاب بذكر محاسن البيت، وعظم شأنه بما يدعو النفوس إلى قصده وحجه وإن لم يطلب ذلك منها، فوصفه بخمس صفات:

أحدها: كونه أسبق بيوت العالم وضع في الأرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>