للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أنه مبارك، والبركة كثرة الخير ودوامه، وليس في بيوت العالم أبرك منه، ولا أكثر خيراً منه، ولا أدوم ولا أنفع للخلائق منه.

الثالث: أنه هدى للعالمين في كل ما ينفعهم في الدنيا والآخرة.

الرابع: ما فيه من الآيات البينات والعبر العظيمة التي تزيد على أربعين آية.

الخامس: حصول الأمن لداخله، فالناس والوحوش والأشجار كلهم في أمان داخله.

ثم أتبع سبحانه ذلك بصريح الوجوب المؤكد، وذلك يدل على عناية الله بهذا البيت العظيم، والتنويه بذكره، والتعظيم لشأنه، والرفعة من قدره وتعظيم من طاف به، ولو لم يكن له شرف إلا إضافته إياه إلى نفسه لكفى بهذه الإضافة فضلاً وشرفاً كما قال سبحانه: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (٢٦)} [الحج: ٢٦].

وهذه الإضافة هي التي أقبلت بقلوب العالمين إليه، وساقت نفوسهم حباً له، وشوقاً إلى رؤيته.

فهذه المثابة للمحبين له يثوبون إليه، ولا يقضون منه وطراً أبداً، كلما ازدادوا له زيارة ازداد إيمانهم، وحسنت أخلاقهم، وازدادت أعمالهم الصالحة.

وكلما تكرر ذلك ازدادوا له حباً وإليه اشتياقاً، فلا الوصال يشفيهم ولا البعاد يسليهم: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (١٢٥)} [البقرة: ١٢٥].

هذا البيت الحرام الذي قام سدنته من قريش فروَّعوا المؤمنين وآذوهم وفتنوهم عن دينهم حتى هاجروا من جواره، لقد أراده الله مثابة يثوب إليه الناس جميعاً من أقطار الأرض كلها، فلا يروعهم أحد، بل يأمنون فيه على أرواحهم وأموالهم، فهو ذاته أمن وطمأنينة وسلام، ومن أَمَّهُ معظماً لربه فهو آمن، فليؤم

<<  <  ج: ص:  >  >>