للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نكاح، ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء لا يحبه الله، ولا يحب سائله.

ومن الاعتداء رفع الصوت بالدعاء، وأن يعبد الله بما لم يشرعه، أو يثني عليه بما لم يثن به على نفسه ولا أذن فيه، أو يدعوه غير متضرع إليه.

ومن الاعتداء أن يدعو مع الله غيره، فهذا أعظم المعتدين عدواناً، فإن أعظم العدوان الظلم والشرك، وهو وضع العبادة في غير موضعها.

فكل سؤال يناقض حكمة الله .. أو يتضمن مناقضة شرعه وقدره وأمره .. أو يتضمن خلاف ما أخبر به .. فذلك كله اعتداء لا يحبه الله ولا يحب سائله.

ومن دعا الله أجابه، وليس كل من أجاب الله دعاءه يكون راضياً عنه، ولا محباً له، ولا راضياً بفعله.

فالله سبحانه يجيب البر والفاجر، والمؤمن والكافر، والمطيع والعاصي.

وكثير من الناس يدعو دعاء يعتدي فيه، أو يشترط في دعائه، أو يكون مما لا يجوز أن يسأل، فيحصل له ذلك أو بعضه فيظن أن عمله صالح مرضي لله، ويكون بمنزلة من أملي له، وأمد بالمال والبنين، وهو يظن أن الله يسارع له في الخيرات كما قال سبحانه: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ (٥٦)} [المؤمنون: ٥٥، ٥٦].

فلا يغتر العبد بما يعطى من الأموال والبنين وهو معرض عن ربه، منهمك في معاصيه، فذلك استدراج، به هلاكه وخسارته: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤)} [الأنعام: ٤٤].

فالدعاء له حالتان:

إما أن يكون عبادة يثاب عليه الداعي كسؤال الله الإعانة والمغفرة ونحوهما، أو يكون مسألة تقضى به حاجته، ويكون مضرة عليه، إما أن يعاقب بما يحصل له، أو تنقص به درجته، فيقضي حاجته، ويعاقبه على ما جرأ عليه من إضاعة حقوقه سبحانه، وتجاوز حدوده.

<<  <  ج: ص:  >  >>