للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للفقير، وتعلق الغريق بالغريق، والرب سبحانه كلما سألته كرمت عليه، ورضي عنك وأحبك.

والمخلوق كلما سألته هنت عليه، وأبغضك ومقتك وقلاك، وقبيح بالعبد الذي كفاه سيده أن يتعرض لسؤال العبيد، وهو يجد عند مولاه كل ما يريد: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٨٩)} [آل عمران: ١٨٩].

وسؤال الناس ما في أيديهم محظور في الأصل، ولا يباح إلا لضرورة كإباحة الميتة للمضطر.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الْمَسْألَةَ لا تَحِلُّ إِلا لأَحَدِ ثَلاثَةٍ: رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْألَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ، وَرَجُلٌ أصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْألَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ (أوْ قال سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ). وَرَجُلٌ أصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ: لَقَدْ أصَابَتْ فُلانًا فَاقَةٌ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْألَةُ، حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ (أوْ قال سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ) فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ الْمَسْألَةِ، يَا قَبِيصَةُ! سُحْتًا يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا» أخرجه مسلم (١).

فإن سأل الناس تكثراً فإنما يسألهم جمراً كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ سَألَ النَّاسَ أمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا، فَإِنَّمَا يَسْألُ جَمْرًا، فَلْيَسْتَقِلَّ أوْ لِيَسْتَكْثِرْ» أخرجه مسلم (٢).

وقد أمر الله عزَّ وجلَّ بسؤاله ودعائه والاستعانة به، والتوسل إليه.

والتوسل إلى الله أنواع:

أحدها: التوسل بنعم الله تعالى على العبد كما قال يوسف - صلى الله عليه وسلم -: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (١٠١)} [يوسف: ١٠١].

الثاني: التوسل إليه سبحانه بذكر أسمائه وصفاته كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا أَللهُ بِأَنَّكَ الْوَاحِدُ الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ


(١) أخرجه مسلم برقم (١٠٤٤).
(٢) أخرجه مسلم برقم (١٠٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>