للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُفُوًا أَحَدٌ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» أخرجه أبو داود والنسائي (١).

الثالث: التوسل بإقرار العبد بظلمه وعصيانه لربه، فهذا توسل بأحسن وسيلة، ويرجى له إجابة دعائه كما قال آدم وزوجه: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢٣)} ... [الأعراف: ٢٣].

الرابع: التوسل بعرض فقره، وحاجته إلى ربه كما قال موسى - صلى الله عليه وسلم -: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (٢٤)} [القصص: ٢٤].

والدعاء سلاح المؤمن يستخدم وقت الحاجة كالبطاقة.

فإبراهيم - صلى الله عليه وسلم - دعا حين ألقي في النار فأنجاه الله.

ويونس - صلى الله عليه وسلم - دعا ربه في بطن الحوت فأنجاه الله.

وأيوب - صلى الله عليه وسلم - دعا ربه حين مسه الضر فكشف الله ضره.

والله عزَّ وجلَّ أعطانا الإيمان نستفيد منه في الدنيا في قضاء الحاجات، والدعاء في الأصل ينبغي أن يكون لقضاء الحاجات الدنيوية والأخروية، وكل حاكم عنده سلاح مادي، ولكنه يتوقف أمام دعوة الأنبياء؛ لأنه مخلوق مع مخلوق عاجز، والداعي معه قدرة الله عزَّ وجلَّ، ومعيته التي تغنيه عما سواه.

ومقصد المسلم العبادة والدعوة، وهي تزيد بالجهد والعمل كالتجارة تزيد بالجهد والعمل، وحاجات الإنسان لا تزيد الأكل هو الأكل، والشرب هو الشرب، وبجهد الدعوة والدعاء تحصل الهداية ومعية الله.

وإذا كان عندنا ألفاظ الدعاء لا حقيقة الدعاء، وصورة العمل لا حقيقة العمل فالله لا يجيب دعاءنا، ونحن الآن بدل أن ندعو للكفار بالهداية ندعو عليهم بالهلاك، فتنزل العقوبة بنا؛ لأننا ظالمون بعدم إيصال الحق إليهم، الذي هو حق لهم، ولو بلغهم لأسلموا وعبدوا ربهم، وصاروا مسلمين بعد أن كانوا كافرين، وجزاء الظالم اللعنة والعقوبة في الدنيا والآخرة.


(١) صحيح: أخرجه أبو داود برقم (٩٨٥)، صحيح سنن أبي داود رقم (٨٦٩).
وأخرجه النسائي برقم (١٣٠١)، وهذا لفظه، صحيح سنن النسائي رقم (١٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>