مخلوق يدنو منها، فلا تقربها الكلاب إلا على كره منه وغلبة، همه شبع بطنه من أي طعام حصل له طيب أو خبيث، حلال أو حرام، {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (١٢)} [محمد: ١٢].
ومنهم من نفسه حمارية لم تخلق إلا للكد والعلف، كلما زيد في علفه زيد في كده، أبكم الحيوان، وأقله بصيرة.
ومنهم من نفسه سبعية، همه العدوان على الناس، وقهرهم بما وصلت إليه قدرته.
ومنهم من نفسه فأرية، فاسق بطبعه، مفسد لما جاوره.
ومنهم من نفسه على نفوس ذوات السموم كالحية والعقرب ونحوهما، وهذا الضرب هو الذي يؤذي بعينه، فيدخل الرجل القبر، ويدخل الجمل القدر، فهذه النفوس الخبيثة سواء رأت أو علمت إذا تكيفت بكيفية غضبية مع شدة حسد وإعجاب، وصادفت المعين على غرة وغفلة لدغته كالحية وأهلكته، نعوذ بالله من شرها: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (٤) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (٥)} [الفلق: ٤،٥].
ومن الناس من طبعه طبع خنزير، يمر بالطيبات فلا يلوي عليها، فإذا قام الإنسان عن رجيعه قَمَّه، وهكذا كثيراً من الناس يسمع ويرى المحاسن من أخيه فلا ينشرها، ويرى المساوئ فيجعلها فاكهته.
ومن الناس من هو على طبيعة الطاووس، ليس له هم إلا التطوس والتزين بالريش لا غير، أما زينة قلبه بالإيمان، وجوارحه بالأعمال، ولسانه بذكر الله فهو غافل عنه، غره الشيطان فتزين للمخلوق، ولم يتزين لخالقه.
ومنهم من هو على طبيعة الذرة، أجمع الخلق مالاً، وأقلهم أعمالاً.
ومنهم من هو على طبيعة الجمل، أحقد الحيوان، وأغلظه كيداً.
ومنهم من هو على طبيعة الدب، أبكم خبيث.
ومنهم من هو على طبيعة القرد، يفسد كل ما تصل إليه يده.