والدخول على الله من أبواب الطاعات كلها عليه زحام، لكن الدخول عليه من باب الذل والافتقار أقرب باب إليه وأوسعه، ولا مزاحم عليه.
فلا طريق أقرب إلى الله من العبودية، ولا حجاب أغلظ من الدعوى، ولا ينفع مع الإعجاب والكبر عمل.
والله سبحانه لا يأخذ أحداً ولا يعاقبه إلا بذنبه، وإذا شاهد العبد القدر السابق بالذنب علم أن الله سبحانه قدره سبباً مقتضياً لأثره من العقوبة، كما قدر الطاعة سبباً مقتضياً للثواب.
وكلما طالع العبد منن ربه عليه قبل الذنب، وفي حال مواقعته، وبعد مواقعته، ولاحظ بره به، وحلمه عنه، وإحسانه إليه، هاجت من قلبه لواعج محبته، والشوق إلى لقائه، وشدة الحياء منه، فالقلوب مجبولة على حب من أحسن إليها، وتستحي من معصية أمره.
وأهل المعاصي إن نظرنا إليهم بعين القدر نرق لهم، ونسأل الله لهم السلامة والعافية، ونشفق عليهم ونرحمهم.
وإن نظرنا إليهم بعين الشرع فإننا يجب أن ننصحهم، ونأمرهم بالمعروف، وننهاهم عن المنكر، حتى يعودوا إلى الصراط المستقيم.
ولا بدَّ لورثة الأنبياء أن ينظروا بهذا وهذا، وبذلك يقبل الله دعاءهم، ويبارك في جهدهم، وينزل الهداية ببركة جهدهم كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (٦٩)} [العنكبوت: ٦٩].
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه .. وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه .. ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.
اللهم اهدنا لأحسن الأقوال والأعمال والأخلاق .. واهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك .. إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.