والملكية، ومنه يدخلون إلى سائر الأقسام، فهو يجرهم إليها بالزمام، فيدخلون منه إلى الذنوب السبعية، ثم إلى الشيطانية، ثم إلى الملكية بمنازعة الرب، والشرك به في وحدانيته.
وبهذا التفصيل يتبين أن الذنوب دهليز الشرك والكفر.
وفعل المعصية ذنب .. والإصرار عليها ذنب آخر .. والعزم على المعاودة لفعل المعصية ذنب آخر، ولعله أعظم من الذنب الأول بكثير.
وهذا من عقوبة الذنب، فإن الذنب يوجب ذنباً آخر أكبر منه، ويجر إليه، ثم الثاني كذلك، وهكذا حتى يستحكم الهلاك للمذنب.
فالإصرار على المعصية معصية أخرى، وأشد من هذا كله المجاهرة بالذنب، مع تيقن نظر الرب جل جلاله من فوق عرشه إليه.
فإن آمن بنظره إليه، وأقدم على المجاهرة، فذنب عظيم، وإن لم يؤمن بنظره إليه، واطلاعه عليه فكفر، فهو دائر بين الأمرين:
بين قلة الحياء، ومجاهرة نظر الله إليه .. وبين الكفر والانسلاخ من الدين.
أما الفرح بالمعصية فهو دليل على شدة الرغبة فيها، والجهل بقدر من عصاه، والجهل بسوء عاقبتها وعظيم خطرها، ففرحه بها غطى عليه ذلك كله، وفرحه بها أشد ضرراً عليه من مواقعتها.
والمؤمن لا تتم له لذة بمعصية أبداً، ولا يكمل بها فرحه، بل لا يباشرها إلا والحزن مخالط لقلبه، ولكن سكر الشهوة يحجبه عن الشعور به، ومتى خلى قلبه من هذا الحزن، واشتدت غبطته به، فليتهم إيمانه، وليبك على موت قلبه، فإنه لو كان حياً لأحزنه ارتكاب الذنب، وهذا عين الهلاك والخسران إن لم يتدارك نفسه بالتوبة النصوح.
وقلب الإنسان إذا صلح صلح الجسد كله، وإذا فسد فسد الجسد كله، وإذا صلح القلب بالإيمان جاءت التقوى والأعمال الصالحة، وإذا فسد القلب، جاءت المعاصي والسيئات.