للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالقلب إذا فسد فسد السمع والبصر، وإذا فسد السمع والبصر فسد القلب فهما متلازمان.

فإذا أعرض القلب عن سماع الحق وأبغض قائله بحيث لا يحب رؤيته، امتنع وصول الهدى إلى القلب ففسد، وإذا فسد السمع والعقل تبعهما فساد البصر.

والإنسان إذا لم يكن له علم بما يصلحه في معاشه ومعاده كان الحيوان البهيم خيراً منه، لسلامته في المعاد مما يهلكه دون الإنسان الجاهل.

فإذا أتاح الله للعبد فرصة القربة والطاعة فعليه بانتهازها والمبادرة إليها، فالعزائم والهمم سريعة الانتقاض.

والله سبحانه يعاقب من فتح له باباً من الخير فلم ينتهزه، بأن يحول بينه وبين قلبه وإرادته، فلا يمكِّنه بعد من إرادته؛ عقوبة له كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤)} [الأنفال: ٢٤].

وعشق الصور، وحب الفواحش، إنما تبتلى به القلوب الفارغة من محبة الله تعالى، المعرضة عنه، المتعلقة بغيره.

فإذا امتلأ قلب العبد من محبة الله تعالى، والشوق إلى لقائه، دفع ذلك عنه حب تلك الصور والفواحش كما قال سبحانه في حق يوسف - صلى الله عليه وسلم -: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (٢٤)} [يوسف: ٢٤].

فلما أخلص لربه صرف عنه دواعي السوء والفحشاء، فسلم من السوء والفحشاء.

فالإخلاص هو سبيل الخلاص .. والإسلام مركب السلامة.

والإيمان خاتم الأمان .. والطاعات مركب النجاة .. والمعاصي طرق الهلاك.

والله سبحانه خالق الخير والشر، والشر ليس إليه، وإنما الشر في بعض مخلوقاته، لا في خلقه وفعله، وخلقه وفعله وقضاؤه خير كله، ولهذا تنزه سبحانه عن الظلم الذي حقيقته وضع الشيء في غير موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>