فالإنسان إذا فعل القبيح المنهي عنه كان قد فعل الشر والسوء، والله عزَّ وجلَّ هو الذي جعله فاعلاً، فجعله فاعل خير، والمفعول شر قبيح، فهو سبحانه بهذا الجعل قد وضع الشيء في موضعه؛ لما له من الحكمة التي يحمد عليها، فالشر ليس إليه سبحانه، وأسماؤه الحسنى تشهد بذلك.
فهو سبحانه القدوس المنزه عن كل شر ونقص وعيب، وهو السلام الذي سلم من العيوب والنقائص، فهو السلام من صفات النقص وأفعال النقص، وأسماء النقص.
وهو الكبير الذي تكبر عن السوء، العزيز الذي برئ من كل سوء وشر وعيب، الحميد الذي له الحمد كله.
والله عزَّ وجلَّ كما جعل الحبوب والثمار تخرج من الزروع والأشجار، كذلك جعل الأعمال تخرج من الزروع والأشجار، كذلك جعل الأعمال تخرج من الإنسان، وهي إما أعمال صالحة أو أعمال سيئة، ولكل عمل ثواب أو عقاب.
والخلق في ذلك أربعة أقسام:
الأول: من خلقه الله لطاعته وجنته، وهم المرسلون وأتباعهم.
الثاني: من خلقه الله لطاعته وناره، وهم المراءون والمنافقون.
الثالث: من خلقه الله لجنته لا لعبادته، وهم من أسلم ثم مات فوراً.
الرابع: من خلقه الله لناره لا لعبادته، وهؤلاء هم المستكبرون عن عبادة الله كإبليس وفرعون وأتباعهما من الكفار والمشركين.
والناس بالنسبة للثواب والعقاب ثلاثة أقسام:
فأهل الإيمان والطاعات في الجنة .. وأهل الكفر والمعاصي في النار .. ومن لا طاعة لهم ولا معصية، ولا كفر ولا إيمان، فهؤلاء أصناف: منهم من لم تبلغه الدعوة .. ومنهم المجنون الذي لا يعقل .. ومنهم الأصم الذي لا يسمع .. ومنهم الخرف الذي لا يعقل .. ومنهم أطفال المشركين الذين ماتوا قبل أن يميزوا شيئاً.
فهؤلاء وأمثالهم يكلفون يوم القيامة ويمتحنون، فمن أطاع دخل الجنة،