وتضعف في القلب تعظيم الرب جل جلاله، وتضعف وقاره في القلب، وتستدعي نسيان الله لعبده، وتركه وخذلانه له، وتخليته بينه وبين نفسه وشيطانه.
ومن عقوباتها أنها تسبب نسيان العبد لنفسه، وتخرجه من دائرة الإيمان والإحسان إلى ما دونها، وتمنعه ثواب المؤمنين.
فالإيمان سبب جالب لكل خير، وكل خير في الدنيا والآخرة فسببه الإيمان والطاعات، وكل شر في الدنيا والآخرة فسببه الكفر والمعاصي.
والطاعات تقوي سير القلب إلى الله والدار الآخرة، والمعاصي تضعف سير القلب إلى الله والدار الآخرة أو تعوقه، أو توقفه.
فالذنب إما أن يميت القلب، أو يمرضه مرضاً مخوفاً، أو يضعف قوته تدريجياً حتى ينقطع عن السير إلى الله.
فإن نجاسة المعاصي والفواحش في القلب بمنزلة الأخلاط الرديئة في البدن، وبمنزلة الدغل في الزرع، وبمنزلة الخبث في الذهب والفضة.
فكما أن بدن الإنسان إذا استفرغ من الأخلاط الرديئة استراح فعمل بلا معوق ونما، فكذلك القلب إذا تخلص من الذنوب بالتوبة فقد استفرغ من تخليطه، فتخلصت قوة القلب وإرادته للخير، فاستراح من تلك الجواذب الفاسدة والمواد الرديئة، وزكا ونما وقوي واشتد، ونفذ حكمه في رعيته، فسمعت له الجوارح وأطاعت، ولا سبيل إلى زكاته إلا بعد طهارته كما قال سبحانه: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (٣٠)} [النور: ٣٠].
والله عزَّ وجلَّ لا يضيع أجر من أحسن عملاً، يجزي العبد على ما عمل من خير في الدنيا فيها، ثم في الآخرة يوفيه أجره بأعظم مما في الدنيا كما قال سبحانه: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ (٣٠)} [النحل: ٣٠].