للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (٧) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٨)} [يونس: ٧، ٨].

ومن عقوبات الذنوب والمعاصي:

أن المعاصي مدد من الإنسان يمد به عدوه عليه، وجيش يقويه به على حربه، وهو الشيطان الذي لا يفارق الإنسان طرفة عين، يراه الشيطان من حيث لا يراه.

والنفس أول مداخل الشيطان على القلب، فإذا منَّاها وحقق لها مرادها اطمأنت إليه، فخامرت القلب، وصارت مع الشيطان عليه.

وبذلك يملك الشيطان ثغور البلد وهي:

العين .. واللسان .. والأذن .. والفم .. واليد .. والرجل.

ويرابط على هذه الثغور كل المرابطة، ويدخل على القلب منها فيفسده، فيجعل نظر العين نظر تفرج ولهو لا نظر فكر واعتبار، وهذا أخطر شيء.

ويرابط على ثغر الأذن، فلا يدخل منه إلا الباطل، الذي هو خفيف على النفس تستحليه وتستملحه، ولا يسمح بدخول هذا الثغر من كلام الله ورسوله أو كلام النصحاء والوعاظ.

فإن غلب ودخل شيء من ذلك، حال بينه وبين فهمه وتدبره والعظة به، إما بإدخال ضده عليه، أو بتهويل ذلك وتعظيمه، وأنه حمل ثقيل عليها لا تستطيعه، وإما بإرخاصه على النفوس، وأن الاشتغال ينبغي أن يكون بما هو أعلى عند الناس، والذي زبائنه أكثر.

وأما الحق فهو مهجور، وقائله معرِّض نفسه للعداوة والشبهة، يدخل الشيطان عليه الباطل بالقالب الذي يحبه ويقبله ويخف عليه، ويخرج له الحق في كل قالب يكرهه ويثقل عليه، وينفره منه.

ويجتهد الشيطان على ثغر اللسان، وهو الثغر الأعظم، فيجري عليه من الكلام ما يضره ولا ينفعه، ويمنعه أن يتكلم بشيء مما ينفعه من ذكر الله واستغفاره، وتلاوة كتابه، والدعوة إليه، والنصح لعباده، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>