للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرابط الشيطان على اللسان، ويزين له التكلم بالباطل بكل طريق، ويخوفه عن التكلم بالحق بكل طريق، فلا تراه إلا متكلماً بباطل، أو ساكتاً عن حق.

فالأول شيطان ناطق، والآخر شيطان أخرس، والشياطين وأتباعهم في جهنم كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٧)} [آل عمران: ٧٧].

ويجتهد الشيطان كذلك على ثغر اليدين والرجلين، فيمنع اليد أن تبطش بما يضر أعداء الله ورسوله، ويمنع الرجل أن تمشي للخير وجهاد أعداء الله ورسوله، والدعوة إليه.

يحرك الجوارح لكل معصية .. ويثبطها عن كل طاعة.

فما أعظم عداوة الشياطين لبني آدم، وما أشد غفلة بني آدم عنهم؟.

{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (٦٢)} [يس: ٦٠ - ٦٢].

ومما يعين الشياطين على لزوم هذه الثغور مصالحة النفس الأمارة بالسوء، وإعانتها والاستعانة بها، والوقوف معها ضد النفس المطمئنة.

فإن النفس الأمارة إذا قويت وأطاعت الشياطين، أنزلوا القلب من حصنه، وأخرجوه من مملكته، وولوا مكانه النفس الأمارة بالسوء، التي تأمر بما تهوى الشياطين وتحبه، ولا تخالفهم البتة، بل تبادر إلى فعل كل ما يشيرون به من الفواحش والآثام.

والشياطين تغلب بني آدم بجندين:

الأول: جند الغفلة التي تغفل قلوب بني آدم عن الله والدار الآخرة.

الثاني: جند الشهوات التي يزينونها في قلوب بني آدم، ويحسنونها في أعينهم، ثم ينقلونهم منها إلى المحرمات، ثم إلى الكبائر، ثم الخروج من الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>