فنعم الله ما حُفظ موجودها، ولا استُجلب مفقودها بمثل طاعة الله.
وجعل آفاتها المانعة منها المعاصي:
فإذا أراد الله سبحانه حفظ نعمته على عبده ألهمه رعايتها بطاعته فيها، وإذا أراد زوالها عنه خذله حتى عصاه بها كما قال سبحانه: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (٧)} [إبراهيم: ٧].
ومن عقوبات المعاصي والذنوب:
أنها تباعد عن العبد وليه وأنفع الخلق له، وهو الملك الموكل به، وتدني منه عدوه وأغش الخلق له، وهو الشيطان.
فالعبد إذا عصى الله تباعد منه الملك بقدر تلك المعصية، وقرب منه الشيطان، وإذا أطاع العبد ربه قرب منه الملك، وتباعد منه الشيطان.
ولا يزال الملك يقرب من العبد بالطاعة، فتتولاه الملائكة في حياته، وعند موته، وعند بعثته، وإذا تولاه الملك تولاه أنصح الخلق له، يبشره بالخير، ويعينه عليه، ويدفع عنه عدوه.
وإذا اشتد قرب الملك من العبد تكلم على لسانه بالقول السديد، وإذا اشتد قرب الشيطان من العبد تكلم على لسانه بالفحش والزور.
والمعاصي والذنوب والآثام تستجلب مواد هلاك العبد في الدنيا والآخرة، وتلك أمراض متى استحكمت ولم تعالج قتلت ولا بدّ.
وكما أن صحة البدن تكون بغذاء نافع يحفظ قوته، واستفراغ يستفرغ المواد الفاسدة، والأخلاط الرديئة، وحمية يمتنع بها مما يؤذيه.
فكذلك القلب لا تتم حياته إلا بغذاء من الإيمان والأعمال الصالحة، تحفظ قوته، واستفراغ بالتوبة النصوح تستخرج المواد الفاسدة، والأخلاط الرديئة منه، وحمية توجب له حفظ الصحة بترك النواهي والمحرمات.