فالله عزَّ وجلَّ شرع عقوبات شرعية على الجرائم كقطع اليد في السرقة، وقطع أيدي وأرجل قطاع الطريق، والجلد بالقذف وشرب الخمر، والقتل والجلد في الزنا، وغير ذلك من العقوبات التي شرعها الله ورتبها على الجرائم، وجعلها سبحانه على حسب الدواعي، وحسب الوازع عنها.
فالذنوب والمعاصي تترتب عليها العقوبات الشرعية، أو القدرية، أو هما معاً، وقد يرفعهما الله عمن تاب وأحسن.
وإذا أقيمت العقوبات الشرعية رفعت العقوبات القدرية، أو خففتها كما قال سبحانه: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (٩٨)} [يونس: ٩٨].
وإذا عطلت العقوبات الشرعية استحالت قدرية، وربما كانت أشد من الشرعية، وربما كانت دونها، ولكنها تعم، والشرعية تخص كما قال سبحانه: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (٧٨) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٧٩) تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (٨٠)} [المائدة: ٧٨ - ٨٠].
والعقوبات القدرية نوعان:
نوع على القلوب والنفوس .. ونوع على الأبدان والأموال.
وعقوبات القلوب أشد العقوبتين، وهي تسري من القلب إلى البدن، كما يسري ألم البدن إلى القلب.
والعقوبات على الأبدان نوعان:
نوع في الدنيا .. ونوع في الآخرة.
وشدتها وآلامها بحسب تلك المعصية، وليس في الدنيا والآخرة شراً أصلاً إلا