والصبر على الطاعة ينشأ من معرفة تلك الأسباب، ومن معرفة ما تجلبه الطاعة من العواقب الحميدة، والآثار الجميلة.
ومن أقوى أسبابها الإيمان ومحبة الله، فكلما قوي داعي الإيمان والمحبة في القلب كانت استجابته للطاعة بحسبه.
وصبر العبد على الطاعة، وصبره عن المعصية، أيهما أفضل؟.
ذلك يختلف باختلاف الطاعة والمعصية.
فالصبر على الطاعة المعظمة الكبيرة أفضل من الصبر عن المعصية الصغيرة الدنية، والصبر عن المعصية الكبيرة أفضل من الصبر على الطاعة الصغيرة.
فصبر العبد على الجهاد مثلاً أفضل وأعظم من صبره عن كثير من الصغائر، وصبره عن كبائر الإثم والفواحش أعظم من صبره على صلاة الصبح، وصوم يوم تطوعاً ونحوه.
فالطاعات يفعلها البَرُّ والفاجر، ولكن المعاصي لا يصبر عنها إلا صدِّيق.
والنفس لها قوتان:
قوة الإقدام .. وقوة الإحجام.
فحقيقة الصبر أن يجعل قوة الإقدام مصروفة إلى ما ينفع العبد، وقوة الإحجام إمساكاً عما يضره.
ومن الناس من تكون قوة صبره على فعل ما ينفعه أقوى من صبره عن ما يضره، ومنهم من تكون قوة صبره عن المعاصي أقوى من صبره على مشقة الطاعات، ومنهم من لا يصبر على هذا .. ولا على هذا.
وأفضل الناس أصبرهم على النوعين مع الصبر على أقدار الله فهؤلاء هم الصابرون حقاً، ويأخذون أجرهم بغير حساب كما قال سبحانه: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (١٠)} [الزمر: ١٠].