وجعل أهل طاعته الأعلين في الدنيا والآخرة، وجعل أهل معصيته الأسفلين في الدنيا والآخرة.
كما جعل سبحانه أهل طاعته أكرم خلقه عليه كما قال سبحانه: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣)} [الحجرات: ١٣].
وجعل أهل معصيته أهون خلقه عليه، وجعل العزة لأهل طاعته، والذلة والصغار لأهل معصيته.
وكلما عمل العبد معصية نزل إلى أسفل درجة، ولا يزال في نزول حتى يكون من الأسفلين، وكلما عمل طاعة ارتفع بها درجة، ولا يزال في ارتفاع حتى يكون من الأعلين.
فيجب على المؤمن أن يقف بين يدي مولاه موقف المخطئ المذنب، مستحياً منه، خائفاً منه، راجياً له، محباً له.
فأي نعمة وصلت إليه من الله استكثرها على نفسه، ورأى نفسه دونها، وأي نقمة أو بلية وصلت إليه رأى نفسه أهلاً لما هو أكبر منها، ورأى مولاه قد أحسن إليه إذ لم يعاقبه على قدر جرمه وإساءته.
والشر الذي يصيب الإنسان لا يخلو من قسمين:
أحدها: إما ذنوب وقعت منه فيعاقب عليها ويجازى بها؛ لأنه فعلها بنفسه وقصده كما قال سبحانه: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (١٢٣)} [النساء: ١٢٣].
الثاني: شر واقع به من غيره:
إما من مكلف كالإنس والجن .. أو غير مكلف مثل الهوام والحيات والعقارب ونحوها، فيصيبه ذلك لحكم يعلمها الله حسب حاله:
إما عقوبة له على معصية، أو تطهيراً له من ذنب، أو رفعة لدرجاته ونحو ذلك والشر الأول هو الذنوب وموجباتها وهو أعظم الشرين.
وإن الذنب وإن صغر لقبيح، وإن مقابلة العظيم جل جلاله به، العظيم الذي لا