للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيء أعظم منه، الكبير الذي لا أكبر منه، القوي الذي لا أقوى منه، المنعم لجميع النعم، يعد من أقبح الأمور وأعظمها وأشنعها.

فإن مقابلة العظماء وسادات الناس بمثل ذلك يستقبحه كل أحد مؤمن أو كافر، وأرذل الناس وأسقطهم مروءة من قابلهم بالرذائل.

فكيف بعظيم السموات والأرض، ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة؟.

هل يليق بالعاقل فضلاً عن المسلم عصيانه ومخالفة أمره؟.

{مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (١٣) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (١٤) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (١٦) وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (١٧) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (١٨)} [نوح: ١٣ - ١٨].

ولولا أن رحمة الله سبقت غضبه، ومغفرته سبقت عقوبته، لتزلزلت الأرض بمن قابله بما لا تليق مقابلته به من الذنوب والمعاصي: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠)} أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (٩١) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (٩٢) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (٩٥)} [مريم: ٩٠ - ٩٥].

ولولا حلم الله ومغفرته وعفوه لزالت السموات والأرض من معاصي العباد وظلمهم: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (٤١)} [فاطر: ٤١].

وكل من نسي الله عاقبه بعقوبتين:

إحداهما: أن الله سبحانه ينساه، وإذا نسيه الله وأهمله وتركه وتخلى عنه فالهلاك أدنى إليه من اليد إلى الفم كما قال سبحانه: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٦٧)} [التوبة: ٦٧].

الثانية: أن الله سبحانه ينسيه نفسه، فيهمل حظوظها وأسباب سعادتها وفلاحها،

<<  <  ج: ص:  >  >>