وينسيه عيوب نفسه وآفاتها فلا يخطر بباله مداواتها، وإزالة عللها، وهذه أعظم خسارة للعبد، وقد حذرنا الله من ذلك بقوله: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (١٩)} [الحشر: ١٩].
ومن نسي دين الله في الدنيا وأعرض عنه أشغله الشيطان بما يضره ويبعده عن ربه، ثم نزلت به عقوبة جنايته كما قال سبحانه: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٥)} [الأنعام: ٤٤ - ٤٥].
ومن نسي الله في الدنيا نسيه الله في الدنيا والآخرة، كما قال سبحانه عن الكفار: {وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٣٤) ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٣٥)} [الجاثية: ٣٤ - ٣٥].
والله عزَّ وجلَّ لا يكلف نفساً إلا وسعها، والأوامر والنواهي الشرعية ليست من الأمور التي تشق على النفوس، بل هي غذاء للأرواح، ودواء للأبدان، وحمية عن الضرر، فالله سبحانه أمر العباد بما أمرهم به رحمة منه وإحساناً.
ولما كان كل عامل سيجازي بعمله، والإنسان عرضة للنسيان والخطأ والتقصير، أخبر الله سبحانه أنه لا يؤاخذ على الخطأ والنسيان كما قال سبحانه:{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}[البقرة: ٢٨٦].
فقال الله عزَّ وجلَّ:«قَدْ فَعَلْتُ» أخرجه مسلم (١).