للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإيمان بالله، فإذا ظهر الشرك والكفر بعد ذلك بعث الله نبياً آخر يردهم إلى التوحيد والإيمان.

وقد عاش بنو إسرائيل حياة شديدة مؤلمة في ظل حكم فرعون، الذي أفسد طبيعة بني إسرائيل، وملأها بالالتواء من ناحية، وبالقسوة من ناحية، وبالجبن من ناحية، وبالضعف عن تحمل التبعات من ناحية، وتركها مهلهلة بين هذه النزعات جميعاً.

فليس أفسد للنفس البشرية من الذل والخضوع للطغيان طويلاً، ومن الحياة في ظل الإرهاب والخوف والتخفي والالتواء، والحركة في الظلام مع الذعر الدائم، والتوقع الدائم للبلاء.

ولقد عاش بنو إسرائيل في هذا العذاب طويلاً، وفرعون يقتل أبناءهم، ويستحيي نساءهم، فإذا فتر هذا النوع من العذاب عاشوا حياة الذل والكد والسخر والمطاردة على كل حال، حتى جاء موسى - صلى الله عليه وسلم -، ورفع الله بسببه هذا البلاء.

فدين الله يجعل الناس في أرض الله أعزاء، ويجب أن يكونوا أعزاء؛ لأنهم عبيد الله ملك الملوك، ويجب أن لا يضربهم الحكام فيذلوهم؛ لأنهم ليسوا عبيداً للحكام، بل عبيد الله وحده: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٤٩)} ... [البقرة: ٤٩].

وقد حقق الله وعده لبني إسرائيل فأنجاهم من عذاب فرعون، وأهلك أعداءهم، وأورثهم أرضهم وديارهم كما قال سبحانه: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٤) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (٥) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (٦)} [القصص: ٤ - ٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>