الثالث: نظر إلى محل الجناية، وهي النفس الأمارة بالسوء، فيعرف أنها جاهلة ظالمة، وعنها يصدر كل عمل قبيح، فيوجب له ذلك بذل الجهد في العلم النافع الذي يخرجها عن الجهل، والعمل الصالح الذي يخرجها من الظلم.
الرابع: نظره إلى الآمر له بالمعصية، المزين له فعلها، وهو الشيطان الموكل به، فيفيده ذلك ملاحظته، واتخاذه عدواً، وكمال الاحتراز منه، وعدم طاعته.
وعلى المسلم أن يتوب إلى الله من جميع الذنوب والمعاصي، ويهجر ما نهى الله عنه من الأقوال والأعمال، والمعاصي والسيئات.
والهجرة ثلاثة أقسام:
هجرة المكان .. وهجرة العمل .. وهجرة العامل.
فهجرة المكان: هي الانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام رغبة فيما عند الله.
وهجرة العمل: هو أن يهجر الإنسان ما نهاه الله عنه من المعاصي والفواحش والفسوق، وسائر الذنوب كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ» متفق عليه (١).
وهجرة العامل: معناها هجر الرجل المجاهر بالمعصية، الذي لا يبالي بها، كمن عُرف بالغش في البيع والشراء، فيُهجر لعله يتوب ويعود إلى الصواب.
والتوبة أحب الأشياء إلى الله، ولذلك ابتلى بالذنب أكرم المخلوقات عليه، وهو آدم - صلى الله عليه وسلم - وذريته.
فالتوبة هي غاية كمال الآدمي، فكمال الآدمي في هذه الدنيا بالتوبة النصوح، وفي الآخرة بالنجاة من النار، ودخول الجنة.
والله عزَّ وجلَّ يحب التوابين، ويفرح بتوبة عبده، ولفرحه بها يقضي على عبده بالذنب، فإن كان ممن سبقت له الحسنى قضى له بالتوبة، وإن كان ممن غلبت
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (١٠) واللفظ له، ومسلم برقم (٤٠).