والتوبة من الذنوب واجبة على كل مسلم ومسلمة كما قال سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣١)} [النور: ٣١].
ومن تاب إلى الله توبة نصوحاً فإن الله يتوب عليه، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وكل من كان غير آثم فهو غير معاقب لا في القبر ولا في الآخرة.
وأما في الدنيا فالتوبة لا تكون مسقطة للعقوبات الواجبة لحق الله تعالى من حد سرقة أو زنا أو شرب مسكر بعد ثبوتها.
وكذا ما وجب لحق آدمي من قصاص أو مال أو حد قذف، أو تعزير.
كما لا تسقط بها الكفارات وسائر الواجبات التي أثم بسبب تركها من صلاة أو صيام أو زكاة أو غيرها فلا بدَّ من الإتيان بها؛ لأنها حقوق لا ذنوب، وإنما الذنب في تأخيرها، فيسقط بالتوبة إثم المخالفة بالتأخير، لا نفس الحق المؤخر من صلاة وزكاة ونحوها.
وكل إنسان على خطر عظيم، فهو مع كونه ظلوماً جهولاً، كفوراً قتوراً، ضعيفاً عجولاً، تصيبه آفات أخرى كالعجز والكسل، والغفلة والنسيان، والإسراف والتبذير، والحرص والشره.
فعليه أن يستدرك ما فرط فيه بالعلم والعمل .. وما سلف منه من الإساءة بالإحسان .. وأن يتخلص من رق الجناية بالاستغفار والندم .. ويخلص إيمانه وأعماله من خبث الجناية، فالجنة طيبة لا يدخلها إلا طيب القلب والبدن والعمل.
فلا يمكن للعبد من دخول الجنة إلا بعد هذا التمحيص، ولهذا تقول الملائكة لأهل الجنة: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (٧٣)} [الزمر: ٧٣].
وتمحيص العبد من الذنوب في الدنيا بأربعة أشياء:
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٦٣٩٨)، ومسلم برقم (٢٧١٩) واللفظ له.