للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع الله غيره، ولذلك جعل الله النار دار المتكبرين كما قال سبحانه: {قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧٢)} [الزمر: ٧٢].

والذين طبع الله على قلوبهم هم أهل الكبر والتجبر كما قال سبحانه: {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (٣٥)} [غافر: ٣٥].

والكبر قليله وكثيره في النار، وهو موجب للحرمان من الجنة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» أخرجه مسلم (١).

ومن تواضع لله رفعه، ومن تكبر عن الانقياد للحق أذله الله ووضعه وصغَّره وحقَّره، ومن تكبر عن الانقياد للحق فإنما تكبر على الله، فإن الله هو الحق، وكلامه حق، ودينه حق، فإذا رده العبد وتكبر عن قبوله، فإنما رد على الله وتكبر عليه: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (٦٠)} [غافر: ٦٠].

والفرق بين المهابة والكبر:

أن المهابة أثر من آثار امتلاء القلب بعظمة الله ومحبته وإجلاله، فإذا امتلأ القلب بذلك حل فيه النور، ونزلت عليه السكينة، وألبس رداء الهيبة، كما قال سبحانه: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٤٩) يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (٥٠)} ... [النحل: ٤٩، ٥٠].

وأما الكبر فأثر من آثار العجب والبغي، من قلب قد امتلأ بالجهل والظلم، ترحلت منه العبودية، ونزل عليه المقت، فنظره إلى الناس شزر، ومشيه بينهم تبختر، يستأثر صاحبه بالأشياء ولا يؤثر أحداً، ولا يرى لأحد عليه حقاً، ويرى حقوقه على الناس، لا ينطلق لهم وجهه، ولا يسعهم خلقه.

والإنسان حين يخلو قلبه من الإيمان بالله، والشعور بالخالق القاهر فوق عباده، تأخذه الخيلاء بما يبلغه من ثراء أو سلطان أو قوة أو جمال.


(١) أخرجه مسلم برقم (٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>