للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو تذكر أن ما به من نعمة فمن الله، وأنه ضعيف أمام حول الله، لطامن من كبريائه، وخفف من خيلائه، ومشى على الأرض هوناً لا تيهاً ولا مرحاً، وهذا هو الأدب مع الله ومع الناس.

وما يترك هذا الأدب إلى الخيلاء والعجب، والكبر الفارغ، والخيلاء الكاذبة إلا فارغ صغير القلب، صغير الاهتمامات، يكرهه الله لبطره ونسيان نعمته، ويكرهه الناس لانتفاشه وتعاليه، فتواضع لله: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (٣٧)} ... [الإسراء: ٣٧].

والكبر ينقسم إلى قسمين:

كبر باطن .. وكبر ظاهر.

فالباطن هو خلق في النفس، والظاهر هو أعمال تصدر عن الجوارح، واسم الكبر بالخلق الباطن أحق، وأما الأعمال فإنها ثمرات لذلك الخلق.

وخلق الكبر موجب للأعمال، ولذلك إذا ظهر على الجوارح قيل تكبر، وإذا لم يظهر يقال في نفسه كبر.

والكبر يظهر بثلاثة أشياء:

متكبر .. ومتكبر عليه .. ومتكبر به.

فالمتكبر بما يملك من مال أو سلطان أو علم ونحوها يتكبر على غيره، فيرى لنفسه مرتبة، ولغيره مرتبة دونه، ثم يرى مرتبة نفسه فوق مرتبة غيره، وبهذه الثلاثة يحصل له خلق الكبر.

والأعمال السيئة الصادرة عن خلق الكبر كثيرة من احتقار الناس وازدرائهم والترفع عنهم، والاستهانة بهم، وآفاته أكثر من أن تحصى.

وآفات الكبر عظيمة، وبه يهلك خواص الخلق، وقلما ينفك عنه العباد والعلماء والزهاد فضلاً عن عوام الخلق.

وكيف لا تعظم آفته وقد قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْر» قال رَجُلٌ: إنَّ الرَّجُلَ يُّحِبُّ أنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>