فقد يفعل المرائي جملة من ذلك خوفاً من المذمة، أو طلباً للمحمدة، والله يعلم منه أنه لو كان وحده لما زاد على أداء الفرائض.
فهذا كذلك عظيم، ولكنه دون ما قبله، فالذي قبله آثر حمد الخلق على حمد الخالق، وهذا اتقى ذم الخلق دون ذم الخالق.
أما الرياء بأوصاف العبادات فهو على ثلاث درجات:
الأولى: أن يرائي بفعل ما في تركه نقصان العبادة كالذي من عادته تخفيف الركوع والسجود والقيام والقراءة في الصلاة، فإذا رآه الناس أحسن الركوع والسجود، وأتم القيام، وحَسَّن القراءة.
فهذا من الرياء المحظور؛ لأن فيه تقديماً للمخلوقين على الخالق، ولكنه دون الرياء بأصول التطوعات.
وهذه مكيدة للشيطان بالإنسان، فإن ضرره من نقصان صلاته لمولاه أعظم من ضرره بغيبة غيره إذا رآه مقصراً في عبادته، فالواجب عليه أن يحسن ويخلص، فإن لم تحضره النية فينبغي أن يستمر على عادته في الخلوة، وليس له أن يدفع ذم الناس له بالمراءاة بطاعة الله تعالى، فإن ذلك استهزاء.
الثانية: أن يرائي بفعلِ ما لا نقصان في تركه، ولكنْ فَعَله في حكم التكملة لعبادته كالتطويل في الركوع والسجود، وتحسين الهيئة، والزيادة في القراءة، وطول الصمت، وإخراج الجيد في الزكاة، ونحو ذلك مما لو كان وحده لم يقدم عليه.
الثالثة: أن يرائي بزيادات خارجة عن نفس النوافل كحضور الجماعة قبل القوم، وقصده الصف الأول، وتوجهه إلى يمين الإمام، ونحو ذلك مما يعلم الله منه أنه لو خلا بنفسه لكان لا يبالي أين وقف؟ ومتى يُّحرم بالصلاة؟.
فهذه درجات الرياء بالإضافة إلى ما يرائي به، وبعضها أشد من بعض، والكل