وأما ذم الناس فلم يحذر منه، وذمهم لا يزيده ولا يضره شيئاً لم يكتبه الله عليه، ولا يعجل أجله، ولا يؤخر رزقه، ولا يجعله من أهل النار إن كان من أهل الجنة، والناس لا كمال في مدحهم، ولا نقصان في ذمهم.
وأي خير للإنسان في مدح الناس له وهو عند الله مذموم ومن أهل النار؟.
وأي شر لك من ذم الناس وأنت عند الله محمود في زمرة المقربين؟.
ومن أحضر في قلبه الآخرة ونعيمها المؤبد ورضوان الله أعرض عن الخلق، وأقبل على ربه، وأخلص له العمل، وتخلص من مذلة الرياء للخلق، فهذه أهم الأدوية القالعة لأصول الرياء من القلب.
وأما الدواء العملي:
فهو أن يعوِّد نفسه إخفاء العبادات وإغلاق الأبواب دونها، كما تغلق الأبواب دون الفواحش، حتى يقنع قلبه بعلم الله واطلاعه على عباداته، ولا تنازعه نفسه إلى طلب علم غير الله به.
وأما دفع العارض من الرياء أثناء العبادة، فالشيطان لا يترك الإنسان ولو قلع مغارس الرياء من قلبه حتى يشغله أثناء العبادات، ويعارضه بخطرات الرياء، ولا تنقطع عنه نزغاته، وهوى النفس وميلها لا ينمحي بالكلية.
فلا بدَّ وأن يتشمر لدفع ما يعرض من خاطر الرياء.
وخواطر الرياء ثلاثة:
الأول: العلم باطلاع الخلق ورجاء اطلاعهم.
الثاني: ثم يتلوه هيجان الرغبة في النفس في حمدهم، وحصول المنزلة عندهم.
الثالث: ثم يتلوه هيجان الرغبة في قبول النفس له، والركون إليه، والقيام به، والحزم في دفع الخاطر الأول ورده حتى لا يتلوه الثاني، فيقول لنفسه: الله عالم بحالك، ومَالَكِ وللخلق، علموا أو لم يعلموا، فإن هاجت الرغبة إلى لذة حمد الناس ذكرها ما في الرياء من التعرض لمقت الله يوم القيامة.
وكما أن معرفة اطلاع الناس تثير شهوة ورغبة في الرياء، فمعرفة آفة الرياء تثير