لذة المحمدة .. والفرار من ألم الذم .. والطمع فيما في أيدي الناس.
جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، فَأيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ الله؟ قَالَ:«مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ الله هِيَ الْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ الله» متفق عليه (١).
فالحمية: أن يأنف أن يُقهر .. وليُرى مكانه: هذا هو طلب لذة الجاه والقدر في القلوب .. ويقاتل للذكر: هذا هو طلب حمد الناس له باللسان.
فهذه الأمور الثلاثة هي التي تحرك المرائي إلى الرياء.
فإذا علم العبد أن الرياء ضار في الدنيا والآخرة سهل عليه قطع الرغبة عنه، فإنه إذا علم مضرة الرياء، وما يفوته من صلاح قلبه، وما يُّحرم منه من التوفيق في الحال، وفي الآخرة من المنزلة عند الله، وما يتعرض له من العقاب العظيم، والمقت الشديد، والخزي الظاهر، فعلمه بذلك يُسهل عليه تركه، ويبعث فيه الرغبة في الإخلاص.
هذا مع ما يتعرض له في الدنيا من تشتت الهم بسبب ملاحظة قلوب الخلق، فإن رضا الناس غاية لا تدرك، ومن طلب رضاهم في سَخَط الله سَخِط الله عليه، وأسخطهم عليه.
وأي فائدة للمرائي إذا مدحه الناس وذمه الله، وحمدهم لا يزيد له رزقاً ولا يدفع أجلاً؟.
وأما الطمع بما في أيديهم فبأن يعلم أن الله تعالى هو المسخر للقلوب بالمنع والإعطاء، وأن الخلق كلهم مضطرون إلى الله فلا رزاق إلا هو، ومن طمع في الخلق لم يخل من الذل والخيبة، وإن وصل إلى المراد لم يخل عن المنَّة والمهانة، فكيف يترك ما عند الله برجاء كاذب؟.
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٧٤٥٨) واللفظ له، ومسلم برقم (١٩٠٤).