للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزوال الحسد بأمرين: بالعلم .. والعمل.

أما العلم فهو أن تعلم أن الحسد ضرر عليك في الدين والدنيا، وليس على المحسود ضرر، بل ينتفع به في الدين والدنيا.

أما ضرره عليك في الدين، فإنك بالحسد كرهت حكم الله، ونازعته في قسمة رزقه بين عباده، وشاركت إبليس وسائر الكفرة في محبتهم للبلايا للمؤمنين، وستنال العقاب العظيم عليه يوم القيامة.

وضرره عليك في الدنيا: أنك بالحسد تتعذب، وتكون في الغم والكدر كلما رأيت نعمة على من تحسد، وهذا يمرض بدنك، وينغص عليك لذة المطعم والمشرب.

والمحسود لا ضرر عليه في دينه ودنياه، فما قدر الله كائن لا محالة، وهو مأجور في حال السراء والضراء.

وأما أن المحسود ينتفع به في الدين فهو أنه مظلوم من جهتك، لا سيما إذا أخرجت الحسد إلى القول أو الفعل بالغيبة وذكر مساوئه.

فهذه هدايا يهديها الله إليه من حسناتك.

وحسد الحاسد يدل على اختصاص المحسود بفضل الله ونعمه، فهو مذكر له بفضل الله فليحمد الله.

أما العمل النافع الذي يزول به الحسد فهو أن يأتي بالأعمال المضادة لمقتضيات الحسد، فإن حمله الحسد على ذمه مَدَحَه، وإن حمله على التكبر عليه تواضع له، وإن حمله على إيذائه أحسن إليه، وإن حمله على الدعاء عليه دعا له .. وهكذا.

وللحسد ثلاث مراتب:

أحدها: أن يحسد غيره على ما أعطاه الله من النعم، ويتمنى زوال ذلك عنه، ويرتب على ذلك الحسد مقتضاه من الأذى بالقلب واللسان والجوارح، وهذا أعظم أنواع الحسد.

<<  <  ج: ص:  >  >>