للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَجَسَّسُوا، وَلا تَحَاسَدُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ الله إِخْوَاناً» متفق عليه (١).

ألا ما أجهل الحاسد بربه وقضائه ودينه، إن كان ما أعطاه الله لأخيك لكرامته عليه فلم تحسد من أكرمه الله؟ وماذا يضره حسدك له؟ وإن كان ما أعطاه الله لهوانه عليه فلم تحسد من مصيره إلى النار؟.

وقد حسد إبليس آدم (على رتبته وكرامته على الله، وحمله الحسد على معصية الله بعدم السجود، فاستحق الطرد من رحمة الله، واللعن إلى يوم الدين، والقرار في نار الجحيم هو وذريته ومن تبعهم أجمعين.

كما قال سبحانه: {قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (٧٥) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (٧٦) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٧٧) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (٧٨)} [ص: ٧٥ - ٧٨].

وكم فوت الحاسد على نفسه ثواب الحب في الله، وثواب الجنة، وأصل الإيمان، ولعله يسوقه حسده إلى غضب الله وإلى النار.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أوَلا أدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ» أخرجه مسلم (٢).

وشر الحاسد إنما يتحقق إذا حصل منه الحسد بالفعل كما قال سبحانه: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (٥)} ... [الفلق: ٥].

فعين الحاسد لا تؤثر بمجردها، لكن تؤثر إذا نظر إليه نظر من قد تكيفت نفسه الخبيثة وانسمت واحتدت، فصارت نفساً غضبية خبيثة حاسدة، فإذا نظر بهذا إلى المحسود أثر فيه تأثيراً بحسب صفة ضعفه، وقوة نفس الحاسد، فربما أعطبه وأهلكه، بمنزلة من وجه سهماً نحو رجل عريان فأصاب منه مقتلاً.

وهذه العين إنما تأثيرها بواسطة النفس الخبيثة، وهي في ذلك بمنزلة الحية التي


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٦٠٦٤) واللفظ له، ومسلم برقم (٢٥٦٣).
(٢) أخرجه مسلم برقم (٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>