أما التفريط: فبفقد هذه القوة أو ضعفها وذلك مذموم، فمن فقد قوة الغضب والحمية أصلاً فهو ناقص جداً، وقد وصف الله رسوله والمؤمنين معه بالشدة والحمية كما قال سبحانه:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}[الفتح: ٢٩].
وأما الإفراط: فهو أن تغلب صفة الغضب حتى تخرج عن سياسة الدين وطاعته، ولا يبقى للمرء معها بصيرة ونظر.
وإذا اشتدت نار الغضب وقوى اضطرامها أَعْمَت صاحبها، وأَصَمَّته عن كل موعظة، فإذا وعظه أحد لم يسمع له، بل زاده ذلك غضباً، فينطفئ نور العقل من دخان الغضب.
فمعدن الفكر الدماغ، ويتصاعد عند شدة الغضب من غليان دم القلب دخان مظلم إلى الدماغ يستولي على معادن الفكر، وربما يتعدى إلى معادن الحس فتظلم عينه حتى لا يرى بعينه، وتسود عليه الدنيا بأسرها.
ومن آثار هذا الغضب في الظاهر:
تغير اللون .. وشدة الرعدة في الأطراف .. واضطراب الحركة والكلام .. وخروج الأفعال والحركات عن المعتاد .. حتى يظهر الزبد على الأشداق .. وتحمر الأحداق.
وقبح باطن الغضبان أعظم من قبح ظاهره، فإن الظاهر عنوان الباطن، وإنما قبحت صورة الباطن أولاً، ثم انتشر قبحها إلى الظاهر ثانياً.
وأما أثره في اللسان، فانطلاقه بالشتم والفحش من الكلام الذي يستحي منه ذو العقل الرشيد.
وأما أثر الغضب على الأعضاء فالضرب والتهجم، والتمزيق والقتل والجرح