للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السادس: أن يعلم أن غضب الله عليه يوشك أن يكون أعظم من غضبه؛ لأنه خالف مراد الله منه.

وأما العمل: فأن تقول بلسانك: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

اسْتَبَّ رَجُلاًنِ عِنْدَ النَّبِيِّ فَجَعَلَ أحَدُهُمَا يَغْضَبُ وَيَحْمَرُّ وَجْهُهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ (فَقَالَ: «إِنِّي لأعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ ذَا عَنْهُ، أعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» متفق عليه (١).

فإن لم يزل بذلك فاجلس إن كنت قائماً، واضطجع إن كنت جالساً، فإن سبب الغضب الحرارة، وسبب الحرارة الحركة، والقائم والقاعد متهيئ للانتقام.

فإن لم يزل ذلك فليتوضأ بالماء البارد، أو يغتسل، فإن النار لا يطفئها إلا الماء.

والسكوت حال الغضب مما يزيل أثر الشر عنه، وكظم الغيظ كذلك.

والغضب إذا لزم كظمه لعجزه عن التشفي في الحال رجع إلى الباطن واحتقن فيه فصار حقداً، والحقد أن يلزم قلبه استثقاله والبغض له، والنفار عنه، وأن يدوم على ذلك ويبقى، فالحقد ثمرة الغضب.

والحقد يحمل على الحسد الذي يتمنى به الحاسد زوال النعمة عن الغير، ويشمت بما أصابه من بلاء، ويؤدي إلى هجره والانقطاع عنه، وأن يعرض عنه استصغاراً له، وأن يتكلم فيه بما لا يحل من كذب وغيبة وإفشاء سر، والاستهزاء به، وإيذائه أحياناً بالضرب، ومنعه حقه من قضاء دين أو رد مظلمة، أو صلة رحم، وكل ذلك حرام.

وعلاج الحقد: أن يحسن المحقود عليه إلى الحاقد بالعفو والصلة والدعاء له، والبر به: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥)} [فصلت: ٣٤، ٣٥].


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري يرقم (٦١١٥)، ومسلم برقم (٢٦١٠)، واللفظ له

<<  <  ج: ص:  >  >>