فهذا حسم لمواد الغضب، وقطع الأسباب حتى لا يهيج، فإذا هاج الغضب فعلاجه بأمرين: العلم .. والعمل.
أما العلم فيكون بمعرفة ستة أمور:
الأول: أن يعلم ما في كظم الغيظ والعفو والحلم والصبر من الأجر والثواب، فتمنعه شدة الحرص على ثواب الكظم والعفو عن التشفي والانتقام، وينطفئ عنه غيظه كما قال سبحانه: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (١٩٩)} [الأعراف: ١٩٩].
الثاني: أن يخوف العبد نفسه بعقاب الله، فيقول قدرة الله علي أعظم من قدرتي على هذا الإنسان، فلو أمضيت غضبي عليه لم آمن أن يمضي الله غضبه علي يوم القيامة أحوج ما أكون إلى العفو.
الثالث: أن يحذِّر نفسه عاقبة العداوة والانتقام، وَتَشمُّر العدو لمقابلته والسعي في أذاه، فيخوف نفسه بعواقب الغضب في الدنيا، وما يجر إليه من المصائب والعداوة.
الرابع: أن يتفكر في قبح صورته عند الغضب، بأن يتذكر صورة غيره عند الغضب، ويتفكر في قبح الغضب في نفسه، ومشابهة صاحبه للكلب الضاري، ومشابهة الحليم الهادي للأنبياء والعلماء والحكماء والحلماء.
فيختار لنفسه ما يحمده الله والناس به.
الخامس: أن يتفكر في السبب الذي يدعوه إلى الانتقام، ويمنعه من كظم الغيظ فيرده ولا يبالي به، كأن يقول له الشيطان: إن عدم الانتقام يُّحمل منك على العجز، وتصير حقيراً في أعين الناس، فيقول لنفسه: تأنفين من الاحتمال الآن، ولا تأنفين من خزي يوم القيامة إذا أخذ هذا بيدك وانتقم منك، وتحذرين من أن تصغري في أعين الناس، ولا تحذرين من أن تصغري عند الله والملائكة والنبيين.