للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (١٨)} [الأعراف: ١٨].

فما أعظم عداوة الشيطان للإنسان وأصالتها وضراوتها واستمرارها.

إنه سيقعد للبشرية على صراط الله المستقيم لا يمكنهم من سلوكه، وسيأتيهم من كل جهة ليصرفهم عن هداه، وهو إنما يأتيهم من ناحية نقط الضعف فيهم، ومداخل الشهوة الجاذبة كما قال لآدم (من قبل: {قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (١٢٠) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (١٢١)} [طه: ١٢٠، ١٢١].

فالشيطان عدو للإنسان، أما وقد نزل الإنسان والشيطان إلى الأرض، فالحرب بينهما قائمة، والمعركة مع الشيطان هي المعركة الكبرى:

إنها المعركة مع الهوى باتباع الهدى .. والمعركة مع الشهوات باستعلاء الإرادة .. والمعركة مع الشر والفساد في الأرض الذي يقود الشيطان أولياءه إليه باتباع شريعة الله المصلحة للأرض ومن فيها، والمعركة في النفس والحياة الواقعية، فالشيطان وراءهما جميعاً.

والطواغيت التي تقوم في الأرض لتخضع الناس لحاكميتها وشرعها ونظمها، وتستبعد حاكمية الله وشرعه، إنما هي شياطين الإنس التي توحي لها شياطين الجن، والمعركة معها هي المعركة مع الشيطان نفسه كما قال سبحانه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (١١٢)} ... [الأنعام: ١١٢].

فالمعركة الكبرى الطويلة الضارية تتركز مع الشيطان ذاته .. ومع ذريته .. ومع أوليائه .. وهي حرب طويلة المدى .. لا بدَّ أن يخوضها الإنسان مع الشيطان .. وقد استعد لها الشيطان بخيله ورجله كما قال سبحانه له: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (٦٤)} [الإسراء: ٦٤].

والله حافظ عباده وأولياءه من كيده كما قال سبحانه: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>