للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصطنعة على ارتكابه: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٣٩) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٤٠)} [الحجر: ٣٩، ٤٠].

وهكذا لا يقترف الإنسان الشر إلا وعليه مسحة من الشيطان تزينه وتجمله، وتظهره في غير حقيقته وردائه، وتغري بارتكابه.

فليفطن المسلمون إلى عدة الشيطان، وليحذروا كلما وجدوا في أمر تزييناً، وكلما وجدوا في نفوسهم اشتهاءً.

وشرط الشيطان أن يغوي الناس أجمعين إلا عباد الله المخلصين.

وقد شرط هذا الشرط؛ لأنه يدرك أن لا سبيل إلى سواه.

لأن سنة الله أن يستخلص لنفسه من يخلص له نفسه، وأن يحميه ويرعاه ومن ثَمَّ كان الجواب: {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (٤١) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (٤٢)} [الحجر: ٤١، ٤٢].

هذه سنة الله:

المؤمنون لا سبيل لك عليهم، ولا تملك أن تزين لهم؛ لأنك عنهم محصور، ولأنهم منك في حمى، ومداخلك إلى نفوسهم مغلقة.

إنما سلطانك على من اتبعك من الغاوين الضالين، فالشيطان لا يتلقف إلا الشاردين، كما يتلقف الذئب الشاردة من الغنم.

وأما عاقبة الغاوين فهي معلنة في الساحة منذ البدء: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٣) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (٤٤)} [الحجر: ٤٣، ٤٤].

إن حسد إبليس لآدم يجعله يذكر الطين، ويغفل نفخة الله في هذا الطين كما قال سبحانه: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (٦١)} [الإسراء: ٦١].

ويعرض إبليس بضعف هذا المخلوق، واستعداده لإغوائه بلا حياء فيقول: {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (٦٢)} [الإسراء: ٦٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>