وما أكثر من غرهم الشيطان فصاروا من أتباع إبليس وحزبه: {أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (١٢١)} [النساء: ١٢١].
وقد حذر الله عزَّ وجلَّ بني آدم عامة أن يستسلموا للشيطان فيما يتخذونه لأنفسهم من مناهج وشرائع، فَيُسْلِمَهم إلى الفتنة والبلاء كما فعل مع أبويهم من قبل، إذ نزع عنهما لباسهما وأخرجهما من الجنة.
فالعري والتكشف عمل من أعمال الشيطان في بني آدم، وهو طرف من المعركة التي لا تهدأ بين الإنسان وعدوه الشيطان.
فلا يدع بنو آدم لعدوهم الشيطان أن يفتنهم، وأن ينتصر عليهم، وأن يملأ منهم جهنم في نهاية المطاف: {يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (٢٧)} [الأعراف: ٢٧].
وزيادة في التحذير منه ينبههم ربهم أن الشيطان يراهم هو وقبيله من حيث لا يرونهم، وإذن فهو أقدر على فتنتهم بوسائله الخفية، فعليهم الحذر حتى لا يأخذهم على غِرَّة، ومعرفة الثغور التي يدخل منها، وسدها في وجهه.
وقد قدَّر الله أن يكون هو ولي الذين آمنوا، وقدر كذلك أن يجعل الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون، ويا ويل ويا خسارة من كان عدوه وليه، إنه يسيطر عليه ويقوده حيث يشاء.
وقد طلب الشيطان من ربه الإنظار إلى يوم القيامة، لا ليندم على معصيته وخطيئته في حضرة الخالق العظيم، ولا ليتوب إلى الله ويرجع ويكفر عن إثمه الجسيم، ولكن لينتقم من آدم وذريته جزاء ما لعنه الله وطرده من هداه، إنه يربط لعنة الله له بآدم، ولا يربطها بعصيانه لله في تبجح نكير: {قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٣٦) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٣٧) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٣٨)} ... [الحجر: ٣٦ - ٣٨].
فلما أنظره الله أعلن خليقة الحقد، وخليقة الشر، وخليقة العداوة على البشرية في الأرض، وحدد عدته فيها وهي تزيين القبيح وتجميله، والإغراء بزينته