للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضلال .. ومنَّاهم أن ينالوا ما ناله المهتدون .. وهذا هو الغرور بعينه.

وهذه زيادة شر إلى شر، حيث زين لهم ماهم فيه من الضلال، فعملوا أعمال أهل النار الموجبة للعقوبة، وحسبوا أنها موجبة للجنة كما غرَّ اليهود والنصارى حين أعرضوا عن دينهم: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١١١)} [البقرة: ١١١].

وكما غرَّ الكفار فكفروا: {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٣٥)} [سبأ: ٣٥].

فما أخسر هؤلاء وهؤلاء حين أطاعوا الشيطان وعصوا الرحمن: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (١٠٤)} ... [الكهف: ١٠٣، ١٠٤].

ومن الإضلال ما زينه الشيطان لبعض الناس حتى حرَّموا ما أحل الله، وأحلوا ما حرَّم الله من الاعتقادات الفاسدة، والأحكام الجائرة ما هو من أكبر الضلال.

ومن ذلك ما أغواهم به الشيطان من تغيير خلقة الرحمن بالوشم والوشر والنمص ونحو ذلك، وذلك يتضمن التسخط من خلقته، والقدح في حكمته، واعتقاد أن ما يصنعون بأيديهم أحسن من خلقة الرحمن، وعدم الرضا بتقديره.

وكذلك أمرتهم الشياطين بتغيير الخُلُق الباطن، فالله تعالى خلق عباده حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن هذا الخلق الجميل، وزينت لهم الشرك والكفر، والشر والإثم، والفسوق والعصيان كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (١٦٨) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (١٦٩)} [البقرة: ١٦٨، ١٦٩].

فالشيطان يَعِد أولياءه الفقر إذا أنفقوا في سبيل الله، ويخوفهم إذا جاهدوا بالقتل وغيره، ويخوفهم من طاعة الله بحصول الأذى لهم، ليكسلوا عن فعل الخير، ويمنيهم الأماني الباطلة: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (١٢٠)} [النساء: ١٢٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>