للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانطلق الشيطان ينفذ وعيده، ويستذل عبيده، ولكنه لا يجرؤ على عباد الرحمن: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٠)} [سبأ: ٢٠].

حقاً إن وعد الله حق، وإنه لآت لا ريب فيه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (٥) إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (٦)} [فاطر: ٥، ٦].

إن الحياة تغر وتخدع .. فلا تغرنكم الحياة الدنيا .. وإن الشيطان يغر ويخدع .. فلا تمكنوه من أنفسكم.

والشيطان قد أعلن عن عداوته للبشرية، فليتخذوه عدواً، ولا يركنوا إليه، ولا يقبلوا منه نصيحة، ولا يتبعوا خطاه.

فالعاقل لا يتبع خطى عدوه وهو يعقل، والشيطان لا يدعوكم إلى خير، ولا ينتهي بكم إلى نجاة، إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير.

فهل يليق بالعاقل أن يجيب دعوة الداعي إلى عذاب السعير؟.

إن الإنسان حين يستحضر المعركة الخالدة مع الشيطان فإنه يتحفز بكل قواه .. وبكل يقظته .. دفاعاً عن النفس .. وحماية للذات:

يتحفز لدفع الغواية والإضلال والإغراء .. ويستيقظ لمداخل الشيطان إلى نفسه .. ويتوجس من كل هاجسة .. ويسرع ليعرضها على ميزان الله وشرعه.

إن القرآن ينشئ في القلب حالة التعبئة الشعورية ضد الشر ودواعيه، وضد هواتفه المستسرة في النفس، وأسبابه الظاهرة للعيان، حالة الاستعداد الدائم للمعركة التي لا تهدأ لحظة، ولا تضع أوزارها في هذه الأرض أبداً.

وهاهي عاقبة الكافرين الذين لبوا دعوة الشيطان، وحالة المؤمنين الذين طاردوه: {الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (٧)} ... [فاطر: ٧].

أما طبيعة الغواية، وحقيقة عمل الشيطان، والباب الذي يفتح فيجيئ منه الشر

<<  <  ج: ص:  >  >>