كله، فهو أن يرى الإنسان عمله القبيح حسناً: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (٨)} [فاطر: ٨].
هذا هو مفتاح الشر كله، أن يزين الشيطان للإنسان سوء عمله فيراه حسناً، أن يُعجب بنفسه وبكل ما يصدر عنها، أن لا يفتش في عمله ليرى مواضع الخطأ والنقص فيه؛ لأنه واثق أنه لا يخطئ، متأكد دائماً أنه على صواب.
فيُعجب بكل ما يصدر عنه، مفتون بكل ما يتعلق بذاته، لا يخطر على باله أن يراجع نفسه في شيء، ولا أن يحاسبها على أمر، ولا يطيق أن يراجعه أحد في عمل يعمله، أو في رأي يراه.
هذا هو البلاء العظيم الذي يصبه الشيطان على الإنسان، ويغرقه به، وهذا هو المقود الذي يقوده منه إلى الضلال ثم إلى البوار.
إن الذي يكتب الله له الهدى والخير يضع في قلبه الحساسية والحذر، فلا يأمن مكر الله .. ولا يأمن تقلب القلب، ولا يأمن الخطأ والزلل .. ولا يأمن النقص والعجز: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (٩٩)} [الأعراف: ٩٩].
فالمؤمن دائم التفتيش في عمله .. دائم الحساب لنفسه .. دائم الحذر من الشيطان .. دائم التطلع لعون الله وتوفيقه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨)} [الحشر: ١٨].
إن كل من زين له الشيطان سوء عمله فرآه حسناً مثال للإنسان الضال الهالك البائر، الصائر إلى شر مصير.
ومفتاح هذا كله هو هذا التزيين .. هو هذا الغرور .. هو هذا الستار الذي يعمي قلبه وعينه فلا يرى مخاطر الطريق .. ولا يحسن عملاً؛ لأنه مطمئن إلى حسن عمله وهو سوء .. ولا يصلح خطأ؛ لأنه واثق أنه لا يخطئ.