خوفها من قلوبهم، فقادتهم الشياطين إلى شهوات الدنيا، وشغلتهم بها حتى غفلوا عن الآخرة، ووقعوا في الكفر والشرك والبدع والمعاصي وجروا غيرهم إليها، كما قال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣)} ... [مريم: ٨٣].
وهذا التسليط والتقييض من الله للشياطين على الكافرين والمكذبين والعصاة بسبب جحودهم الحق، وإعراضهم عن ذكر الله وآياته كما قال سبحانه: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٧)} ... [الزخرف: ٣٦، ٣٧].
أما الإرسال الشرعي فكما أرسل الله رسله إلى البشر بالدين الحق يدعونهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له والكفر بما سواه كما قال سبحانه: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٩)} [الصف: ٩].
فالإرسال نوعان:
إرسال دين يحبه الله ويرضاه كإرسال رسله وأنبيائه إلى عباده .. وإرسال كون وهو نوعان: نوع يحبه ويرضاه كإرسال ملائكته وتدبير أمر خلقه، ونوع لا يحبه بل يسخطه كإرسال الشياطين على الكفار.
وكل عبد عاجز عن جلب المنافع الدينية والدنيوية، ولذلك شُرع له أن يذكر الله على كل أحيانه، ويستعين به في جميع أحواله، فيذكر اسم الله في كل عمل خاصة عند تلاوة القرآن الذي فيه منافع الدنيا والآخرة (بسم الله الرحمن الرحيم) في بداية كل سورة.
وكذلك العبد عاجز عن دفع جميع المضار الدينية والدنيوية، وأعظم ما يسبب هذه المضار الشيطان لحسده الإنسان، ولهذا شرع للعبد أن يستعيذ بالله منه، فإنه منبع الشرور والآثام خاصة عند تلاوة القرآن الذي فيه كل خير ونعمة للإنسان كما قال سبحانه: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٩٨)} [النحل: ٩٨].